الرؤساء وأطقم العاملين معهم·· يشبهون العائلات التي كان يصفها تولستوي في قصصه· ففي تلك العائلات نجد الأفراد السعداء متشابهين·· أما الأفراد التعساء فإننا نجد كل واحد منهم تعيسا بطريقته· والفضائح لها قدرة خاصة على إبراز تلك التعاسة، ووضعها في بؤرة الضوء· فالبيت الأبيض تحت إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، وفي زمن فضيحة ووترجيت، كان يحفل بالمواقف التآمرية التي كانت سمة من السمات الملازمة لهذا الرئيس الذي كان يميل للشك بطبيعته· أما البيت الأبيض في عهد الرئيس رونالد ريجان الذي كان شخصية أكثر ثقة بالناس، فقد تسببت فضيحة إيران- كونترا التي وقعت آنذاك في إصابته بالارتباك· أما مساعدو بيل كلينتون، فقد شعروا بالإحراج بسبب إصرار رئيسهم على أن علاقته مع ''مونيكا لوينسكي'' لم يكن لها تأثير على أدائه لواجبات منصبه كرئيس، ولكن كل واحد من هؤلاء المساعدين بدون استثناء كان يردد مثل هذه الحجة على أنها تمثل قناعاته الخاصة·
أما جورج بوش وفريقه الذين لا يزالون يترنحون من آثار سوء التقدير والغطرسة اللذين كثيرا ما ميزا عمل الإدارات الأميركية فلديهم الأسباب التي تجعلهم غير سعداء· فحرب العراق، وأجندة الرئيس الداخلية، لا تستقطبان دعما واسع النطاق من قبل الشعب الأميركي· فنسب تأييد بوش حاليا أقل من تلك التي كان يتمتع بها ريجان أو كلينتون- حتى عندما كان الاثنان غارقين حتى النخاع في فضائح عهدهما - حيث يرى ثلثا الأميركيين أن الأمة تسير الآن على الطريق الخطأ·
والمدافعون عن الإدارة، الذين يبحثون عن بصيص ضوء وسط ظلام البيت الأبيض، علقوا على أن بوش - وعلى النقيض من نيكسون، وريجان، وكلينتون- غير مشتبه حتى الآن في الفضيحة التي انتهت بإدانة مدير مكتب نائبه ديك تشيني· وحتى إذا ما افترضنا أن ذلك صحيح، فإنه لا يشكل ميزة كبيرة تحسب لنيكسون· صحيح أن قيام نيكسون بالتغطية على ما حدث في ''ووتر جيت''، قد أجبره على الاستقالة من منصبه، إلا أن ذلك لم يحدث إلا بعد أن ظل مصراً على الكذب بشأن ذلك· أما ريجان فكان هو الذي خلق قضية إيران- كونترا، التي شارك فيها عدد من طاقم مجلس الأمن القومي من خلال قيامهم بالتفويض بإرسال صفقة أسلحة سرية إلى إيران وهو ما شكل تحديا للسياسة العامة المعلنة، وللاستشارات التي قدمها لريجان وزيرا خارجيته ودفاعه في ذلك الوقت· أما تورط كلينتون في علاقة مع مونيكا لوينسكي فقد شكل فضيحة شخصية تفاصيلها معروفة للجميع·
ولكن حقيقة أن كلا من نيكسون وريجان كانا في قلب فضيحتهما، على العكس من بوش الذي لم يثبت أن له علاقة بالفضيحة الأخيرة، قد مكنهما من أن يفعلا الشيء الذي لم يتمكن بوش من القيام به، وهو الاعتراف بمسؤوليتهما وطلب الصفح - وهو ما تطلب في حالة ريجان بعض الضغط من قبل زوجته نانسي· فقد قام ريجان بالاعتذار للشعب الأميركي في خطاب متلفز، كما أجرى بعض التعديلات في طاقم العاملين معه، وقام بتعيين مستشار جديد للأمن القومي في ذلك الوقت، كما قام بتعيين مدير جديد لمكتبه تمكن من إدارة البيت الأبيض بسلاسة خلال الفترة المتبقية من عهده·
ونظرا لأن بعض الجمهوريين كانوا يعرفون أن بوش قد حاول أن يقلد ريجان في أسلوبه في الرئاسة، فإنهم نصحوه بأن يقوم بتوسيع دائرة المستشارين المحيطة به، والتي لوحظ أنها لم تتسع بشكل كبير مع فترة ولايته الثانية· صحيح أن الاعتماد على دائرة صغيرة من الموالين المخلصين يمكن أن يمثل مشكلة صغيرة في أي مكان للعمل، إلا أنه في البيت الأبيض تحديدا يمثل وصفة مؤكدة للكارثة· فخلال الفترة التي كنت أقوم فيها بتغطية نشاط البيت الأبيض، تعرفت على بعض المساعدين الذين كانوا يعملون في وظائف كانوا يرونها ممتعة، والذين احترقوا في النهاية تحت وطأة الضغوط النفسية والإفراط في العمل· ومن المعروف أن تلك الضغوط تزداد زيادة كبيرة على العاملين في البيت الأبيض في أوقات الفضائح·· ولذلك فإن تعيين أفراد جدد في مثل تلك الحالة قد يكون عملا من أعمال الرأفة بمثل هؤلاء الأفراد، كما قد يمثل ضرورة سياسية في نفس الوقت·
وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان بوش سيقوم بالاستغناء عن كارل روف مستشاره السياسي المثير للجدل أم لا· فبوش يشعر بالوفاء للمستشارين الذين يعملون معه منذ أن كان حاكما لولاية تكساس، ربما بدرجة أكبر بكثير مما كان ريجان يشعر بالوفاء تجاه مستشاريه الذين كانوا يعملون معه في ولاية كاليفورنيا· علاوة على ذلك نجد أن بوش أكثر اعتمادا على مستشاريه من ريجان الذي لم يكن يعتبر أي أحد غير قابل للاستغناء عنه باستثناء زوجته· فعلى الرغم من أنه دافع بعناد عن مدير مكتبه إلا أنه لم يفتقده عندما ذهب، إذ سرعان ما تصرف، كما لو أن الرجل الذي قام بتعيينه محله وهو ''هوارد بيكر'' كان مديراً لمكتبه طول عمره·
وإجراء تغيير في طاقم العمل لن يحل مشكلة بوش· فالأمة لم تكن في حالة حرب عندما ضربت الفضائح إدارتي ريجان وكلينتون، كما أن سياسات هذين الرئيسين كانت أكثر شعبية من سياسات بوش الذي يعتبر الآن وإلى حد ك